فضاء حر

عن قرار الانتقالي والرواتب

يمنات

صلاح السقلدي

الحقيقة أن تسليم المجلس الانتقالي الجنوبي الحاويات المالية التي بحوزته للتحالف هو في الأصل تسليمها للبنك المركزي، فالتحالف لا يمكنه الاحتفاظ بمليارات من الريالات اليمنية في معسكره.

و الانتقالي يعرف ذلك، و لكن فضّــل القول بأنه سيسلمه للتحالف أو ما يُــعرف بوحدة قوة الواجب (802)، لئلا يبدو المجلس أنه انصاع لضغوطات البنك المركزي. مع اننا نعتقد أنه فعلا لم ينصاع للبنك بل للضغوطات السعودية، التي هي جزء من مشكلة الرواتب.

كلنا يعرف أن موضوع مرتبات الجيش و الأمن يتم التلاعب بها كورقة ضغط سياسية، و السعودية لا تحرك ساكنا حيال ذلك، ليس منذ أخذ الانتقالي الحاويات بل منذ سنوات، منذ زمن حكومة ابن دغر، و ما أخذ الانتقالي للحاويات إلّا واحدة من تداعيات حرب الرواتب طويلة المدى. فهناك تسعة أشهر و ربما أكثر من الرواتب للجيش و الأمن و المعلمين و عمال مصافي و غيرها من المرافق في عموم المحافظات ما تزال محجوزة لدى الحكومات السابقة حتى اليوم.

و حين نقول ان السعودية شريكة بالمأساة فلأنها المسئولة اخلاقيات و قانونيا أمام الداخل و أمام المجتمع الدولي على إبقاء الرواتب سواء في الجنوب أو في الشمال مستمرة الدفع و بعيدة عن جعلها ورقة ابتزاز و تركيع، كما أنها مسئولة عن توفير الخدمات المتردية و الوقود و الغذاء و الدواء، بصفتها الجهة الدولية التي تعهدت للمجتمع الدولي على تبني الأزمة اليمنية و الاضطلاع بتنفيذ الفصل الاممي السابع المفروض على اليمن – و ما اعتصام الجيش و الأمن أمام مقر التحالف بمدينة الشعب في عدن إلا نتاج فهم لدى هؤلاء أن التحالف و السعودية تحديدا هو من يتحمل مسئولية هذا المآل الموحش، سواء بشكل مباشر أو من خلال صمتها حيال العابثين – إلّا أنها أي السعودية لم تكترث لمعاناة الناس المريعة, لا في إبقاء الرواتب و لا في توفير الخدمات، بل أنها مستميتة بشكل مريب بتسليطها على رؤوس الناس حكومة و مسئولين فسدة فاشلين يمعنون بمصادرة كل ما فوق الأرض و تحتها على مسمع و مرأى من قيادات السعودية و سفيرها المثير للجدل، و لذا نضعها في مربع المسئول عن هذا البؤس، و هذا الضياع الذي نعاني منه على كل الصُــعد الخدمية و السياسية و الأمنية و الصحية و الاجتماعية، بعد ستة أعوام ظلت تراوح فيها المنطقة الرمادية المريبة، فلا هي أقدمت و لا هي أحجمت.

لا نعلم هل يبشر أو ينفر ناطق التحالف حين يقول أن مرتبات الجيش و الأمن ستُـــسلم قبل عيد الاضحى و كأنه يحدثنا عن صرفها غدا، مع أن لا مبرر للبنك المركزي و السعودية – التي يقول الانتقالي انه سلمها الحاويات – في تأخير الصرف الى قبل العيد، و لكن يظل احتمال المماطلة و التسويف متوقعا كما درجت العادة عند معشر اللصوص الفسدة.

و مع ذلك يظل الانتقالي هو المسئول عما يجري بالجنوب و بالذات في المحافظات التي له فيها حضور، و لن تكن الضغوطات السعودية – على ضخامة حجمها و خطورة أدواتها مبررا – في إبقاء الأمور على هذا النحو من التدهور و الضياع، فإما أن يكون أو لا يكون، مع إدراكنا لصعوبة موقفه و ما يحيق به و بالقضية الجنوبية من تآمر و تحديات، و ما يعصف به من رياح خليجية عاتية إلّا أنه في المقابل قد اصبحت له قوة سياسية و جماهيرية و عسكرية و اجتماعية تمكنه من التصدي لكل الأنواء و مقاومتها، فلم يعد الجنوب اليوم تابعا و لا غيره متبوعا، و لا سُــخلاً و غيره ذئبا.

من حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى